يُعدّ نظام العمل السعودي من أكثر الأنظمة القانونية شمولاً وتكاملاً في المنطقة، ويتميز بتنظيمه ودقته في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل. ويهدف إلى تحقيق التوازن وضمان العدالة وحماية الحقوق في بيئة العمل.
يُرسي نظام العمل لوائح واضحة ومفصلة تُحدد حقوق العامل في جميع حالات إنهاء الخدمة، سواءً بالتراضي، أو الفصل التعسفي، أو الاستقالة، أو بلوغ سن التقاعد. وفي جميع هذه الحالات، يضمن النظام السعودي للعامل كامل حقوقه في ضمان أمنه المالي والاجتماعي حتى بعد انتهاء خدمته.
سنشرح فيما يلي بالتفصيل كل حالة من حالات إنهاء الخدمة، مع الحقوق واللوائح المنظمة لها بموجب نظام العمل السعودي.
أنواع عقود العمل في نظام العمل السعودي
قبل شرح أنواع علاقات العمل، من المهم أولاً فهم بعض أهم أنواع عقود العمل في النظام السعودي، والتي تُصنف إلى ثلاث فئات رئيسية:
- عقود عمل محددة المدة: تنتهي هذه العقود تلقائياً بانقضاء المدة المحددة في الاتفاقية.
- عقود عمل غير محددة المدة: تبقى هذه العقود سارية المفعول حتى يقرر أحد الطرفين إنهائها وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها.
- عقود عمل قائمة على المشاريع: تنتهي هذه العقود بانتهاء العمل أو المشروع المحدد المتفق عليه في العقد.
حالات إنهاء الخدمة في نظام العمل السعودي
يُنهى عقد العمل بعدة طرق، تخضع كل منها لأنظمة وأحكام قانونية محددة. نناقش فيما يلي حالات إنهاء الخدمة والتفاصيل القانونية لكل منها وفقًا لنظام العمل السعودي.
أولًا: إنهاء العقد بانتهاء مدته أو إنجاز العمل
العقد محدد المدة:
تحدد المادة 74 من نظام العمل الحالات التي يُنهى فيها عقد العمل بانتهاء مدته، على النحو التالي:
1. عند اتفاق الطرفين على إنهاء العقد، بشرط موافقة العامل كتابةً.
2. عند انتهاء المدة المحددة في العقد، ما لم يُجدد العقد صراحةً وفقًا لأحكام هذا النظام، فيستمر العمل في هذه الحالة حتى تاريخ انتهائه الجديد.
3. عند رغبة أي من الطرفين في إنهاء عقد غير محدد المدة.
4. عند بلوغ العامل سن التقاعد، وهو ستون عامًا.
5. القوة القاهرة هي سبب خارج عن إرادة أيٍّ من طرفي العقد، يجعل من المستحيل على أحد الطرفين أو كليهما الوفاء بالتزاماته. ومن الأمثلة على ذلك زلزالٌ يؤدي إلى انهيار كامل للمنشأة، أو إصابة موظف بإعاقة تمنعه من أداء عمله، وغيرها من الحالات المماثلة.
يجوز لطرفي العقد محدد المدة الاتفاق على تجديده لمدة أخرى؛ وفي هذه الحالة، ينتهي العقد محدد المدة بانقضاء المدة المجددة، شريطة مراعاة الشروط التالية:
- يجب أن تكون عقود العمل لغير السعوديين مكتوبة ومحددة المدة.
- بالنسبة للموظفين السعوديين، إذا جُدد العقد محدد المدة ثلاث مرات متتالية، أو إذا بلغت مدة العقد الأصلي مع فترات التجديد أربع سنوات (أيهما أقصر)، واستمر الطرفان في تنفيذ التزاماتهما بموجب العقد، يُعتبر العقد غير محدد المدة.
الشروط المتعلقة بالعقد محدد المدة:
فيما يتعلق بالعقود غير محددة المدة، تنص المادة 75 من نظام العمل على أنه إذا كان العقد غير محدد المدة، يجوز لأي من الطرفين إنهاؤه لسبب مشروع، ويجب بيانه في إشعار كتابي يُوجه إلى الطرف الآخر قبل الإنهاء.
إذا لم يلتزم الطرف الذي يُنهي العقد بفترة الإشعار المطلوبة، يُلزم بدفع تعويض للطرف الآخر يعادل أجر العامل عن فترة الإشعار أو ما تبقى منها. ويُعتمد آخر أجر للعامل أساسًا لحساب تعويضات العاملين الذين يتقاضون أجورهم بنظام الدوام.
بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون أجورهم على أساس آخر، تُطبق أحكام المادة 96 من النظام، والتي تنص على:
1. إذا كان أجر العامل محددًا بالقطعة، يُعتمد متوسط الأجر الذي تقاضاه العامل عن أيام عمله الفعلية خلال السنة الأخيرة من الخدمة لحساب أي حقوق مستحقة بموجب هذا النظام.
٢. إذا كان أجر العامل يتكون بالكامل من عمولات أو مبالغ متغيرة مماثلة، يُحسب متوسط الأجر اليومي على أساس إجمالي ما تقاضاه العامل مقسومًا على عدد أيام العمل الفعلية.
وإذا كان إنهاء الخدمة بسبب غير مشروع، يحق للمتضرر من هذا الإنهاء الحصول على تعويض تُحدده لجنة تسوية فض منازعات العمل والمحكمة العمالية، مع مراعاة الأضرار المادية والمعنوية - الفعلية أو المحتملة - والظروف المحيطة بالإنهاء.
مدة الإشعار:
مدة الإشعار هي المدة القانونية التي يجب على العامل خلالها الاستمرار في العمل بعد إخطاره بإنهاء عقده، أو التي يجب على صاحب العمل خلالها الاحتفاظ به بعد أن يقرر إنهاء العقد.
وفقًا للمادة 75 من نظام العمل السعودي، تختلف مدة الإشعار باختلاف نوع العقد المبرم بين الطرفين:
- بالنسبة للعقود غير محددة المدة: تكون مدة الإشعار عادةً 60 يومًا للموظفين الذين يتقاضون أجورًا شهرية، و30 يومًا للعمال الآخرين.
- بالنسبة للعقود محددة المدة: لا تُطبق مدة الإشعار إلا إذا تضمن العقد بندًا ينص صراحةً على خلاف ذلك.
ثانيًا: إنهاء العقد بالتراضي بين الطرفين
في هذه الحالة، يتفق طرفا العقد على إنهاء علاقة العمل. ويشترط أن تكون موافقة الموظف على الإنهاء كتابية، فهي أقوى وسائل الإثبات. وتُمكّن هذه الموافقة الكتابية صاحب العمل، في حال نشوء نزاع وإنكار العامل الموظف موافقته على الإنهاء، من تقديم الوثيقة الكتابية كدليل لاثبات الاتفاق المتبادل، على عكس أساليب الإثبات الأخرى الأقل قطعية.
ثالثًا: إنهاء الخدمة بالفصل
هناك نوعان من الفصل: الفصل المشروع والفصل التعسفي، ولكل منهما شروط خاصة، وتختلف حقوق الموظف باختلاف الظروف.
(1) الحالات النظامية للفصل
تنص المادة 80 من نظام العمل السعودي على أنه لا يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل دون تعويض أو إشعار أو مكافأة نهاية الخدمة إلا في الحالات التالية، بشرط أن يتيح للعامل فرصة تقديم اعتراضاته على الفصل. وتحدد المادة الأسباب المشروعة للفصل كما يلي:
- الاعتداء على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو المشرفين أثناء العمل.
- عدم الوفاء بالالتزامات أو الامتثال للأوامر المشروعة.
- تجاهل تعليمات السلامة في العمل عمدًا.
- سوء السلوك أو ارتكاب فعل مخل بالشرف أو الأمانة.
- إلحاق ضرر مادي بصاحب العمل عمدًا.
- اللجوء إلى التزوير للحصول على الوظيفة.
- الفصل خلال فترة التجربة.
- الغياب بدون عذر مشروع لأكثر من 30 يومًا خلال سنة واحدة أو 15 يومًا متتالية.
- استغلال الوظيفة لتحقيق منفعة شخصية أو إفشاء أسرار العمل أو الصناعة.
- في هذه الحالات، لا يحق للموظف الحصول على أي حقوق أو إشعار قبل الفصل.
- تنص المادة أيضًا على وجوب سماح صاحب العمل للموظف بتقديم اعتراضاته قبل إنهاء خدمته. وهذا يضمن العدالة ويحمي حقوق العامل وفقًا لمبادئ العدالة المنصوص عليها في نظام العمل.
(2) الفصل التعسفي
يُعد الفصل التعسفي من أكثر القضايا إثارة للقلق لدى الموظفين، إذ يؤدي إلى فقدان الوظيفة دون سبب مشروع. ويحدث ذلك عندما يُنهي صاحب العمل عقد العمل دون سبب مشروع. ولذلك، يتضمن نظام العمل السعودي أحكامًا تضمن تعويضًا عادلًا عن الفصل التعسفي لحماية حقوق الموظف وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الفصل التعسفي.
تشمل الأسباب والدوافع الأكثر شيوعًا للفصل التعسفي ما يلي:
- الفصل بسبب إبداء الرأي أو بسبب الخلافات مع الرؤساء .
- الفصل لطلب إجازة سنوية أو مرضية.
- الفصل بسبب الزواج أو الحمل أو الولادة.
- الفصل بسبب عدم التوافق الشخصي بين المدير والموظف.
حقوق الموظف المفصول تعسفيًا
تنص المادة 77 من نظام العمل السعودي على أن للموظف المفصول تعسفيًا الحق في تعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة إنهاء خدمته دون سبب مشروع. ويُحسب مبلغ التعويض وفقًا للقواعد التالية:
- بالنسبة لعقود العمل غير محددة المدة: يستحق الموظف تعويضًا يعادل أجر خمسة عشر يومًا عن كل سنة خدمة لدى صاحب العمل، على ألا يقل التعويض عن أجر شهرين كاملين.
- بالنسبة لعقود العمل محددة المدة: يستحق الموظف تعويضًا يعادل أجر المدة المتبقية من العقد، على ألا يقل التعويض عن أجر شهرين كاملين.
لكي يستحق الموظف المفصول تعسفيًا هذه الحقوق، يجب استيفاء الشروط التالية:
1. أن يكون الفصل تعسفيًا، أي ألا يكون لدى صاحب العمل أي سبب مشروع لإنهاء العمل.
2. أن يكون هناك عقد عمل ساري المفعول بين صاحب العمل والموظف، سواءً كان كتابيًا أو إلكترونيًا. في حال عدم وجود عقد، يجب تقديم ما يثبت دفع الراتب بأي وسيلة، مثل التحويلات المصرفية أو إيصالات الدفع.
3. ألا يكون الموظف قد ترك العمل طواعيةً دون أي إجراء أو قرار من صاحب العمل.
لذلك، يُنصح الموظفون بشدة بعدم ترك وظائفهم إلا بعد تلقي إشعار فصل كتابي من صاحب العمل، وعدم الاعتماد فقط على الإخطارات الشفهية من المدير أو صاحب العمل.
رابعًا: إنهاء الخدمة بالاستقالة
الاستقالة أحد أشكال إنهاء الخدمة بناءً على رغبة العامل في إنهاء العقد. وهي حق مكفول للعامل قانونًا، وفقًا لمبدأ حرية الإرادة في إنهاء العلاقة التعاقدية. في هذه الحالة، يُنهي العامل عقد العمل طواعيةً بتقديم طلب كتابي إلى صاحب العمل يُبدي فيه رغبته في ترك العمل.
وفقًا للمادة 79 من نظام العمل السعودي، يشترط لصحة الاستقالة أن تكون مكتوبة، ويشترط أن يقدمها العامل بنفسه أو عن طريق وكيل قانوني للتأكد من صحتها.
يُلاحظ أن الاستقالة تُصبح نافذةً بانقضاء مدة الإشعار النظامية المنصوص عليها في المادة (75). إلا أن نقطة الخلاف تكمن في مدى قبول صاحب العمل وأثره على الاستقالة.
ومع ذلك، في حالة الاستقالة المشروطة - أي عندما يستقيل الموظف بسبب الإساءة أو سوء المعاملة أو انتهاك صاحب العمل لشروط العقد - تمنح المادة 81 الموظف الحق في ترك العمل دون إشعار مسبق مع الاحتفاظ بجميع الحقوق القانونية.
خامسًا: انتهاء الخدمة عند بلوغ سن التقاعد
يُعد بلوغ الموظف سن التقاعد سببًا آخر لانتهاء الخدمة. ووفقًا للمادة 74 من نظام العمل، فإن سن التقاعد للموظف والموظفة هو 60 عامًا. ويجوز تخفيض سن التقاعد في حالات التقاعد المبكر وفقًا لما تنص عليه لوائح العمل.
إذا كان عقد العمل محدد المدة، وامتدت مدته إلى ما بعد سن التقاعد، فإنه في هذه الحالة ينتهي العقد بانتهاء مدته.
مكافأة نهاية الخدمة
تُعرّف المادة 84 من نظام العمل السعودي مكافأة نهاية الخدمة بأنها مبلغ من المال يدفعه صاحب العمل للموظف عند انتهاء خدمته أو انتهاء عقد عمله، سواءً كان محدد المدة أو غير محدد المدة. ويُدفع هذا المبلغ بناءً على معايير وشروط محددة، تُحسب على أساس آخر راتب تقاضاه الموظف، تقديرًا لجهوده وتعويضًا عن مدة خدمته. تُعتبر مكافأة نهاية الخدمة حقًا ماليًا أساسيًا للموظف، يكفله نظام العمل السعودي، ولا يجوز التنازل عنها أو إسقاطها بموجب أي اتفاق.
تُحسب مكافأة نهاية الخدمة وفقًا لنوع إنهاء الخدمة، ولكل حالة قواعدها ومعاييرها الخاصة، كما يلي:
1. في حالة إنهاء العقد أو الإنهاء القانوني من قِبل صاحب العمل:
نصف راتب شهر عن كل سنة خدمة خلال السنوات الخمس الأولى.
راتب شهر كامل عن كل سنة خدمة بعد ذلك.
2. في حالة الاستقالة:
إذا كانت مدة الخدمة أقل من سنتين: لا تُستحق مكافأة نهاية الخدمة.
إذا كانت مدة الخدمة من سنتين إلى خمس سنوات: ثلث المكافأة.
إذا كانت مدة الخدمة من خمس سنوات إلى عشر سنوات: ثلثا المكافأة.
إذا كانت مدة الخدمة أكثر من عشر سنوات: المكافأة كاملة.
استثناء: تستحق المرأة العاملة التي تُنهي عقدها خلال ستة أشهر من الزواج أو ثلاثة أشهر من الولادة مكافأة نهاية الخدمة كاملةً، بغض النظر عن مدة خدمتها.
3. في حالة الفصل التعسفي:
يستحق الموظف مكافأة نهاية الخدمة كاملةً كما هو منصوص عليه في المادة 84، بالإضافة إلى تعويض عن الفصل التعسفي.
4. في حالة الوفاة أو العجز:
يستحق الموظف (أو ورثته) مكافأة نهاية الخدمة كاملةً، بغض النظر عن مدة خدمته.
الخلاصة
بعد توضيح وتفصيل الأحكام المنظمة لإنهاء الخدمة بموجب نظام العمل السعودي، من الضروري فهم حقوقك بوضوح. إذا كنت بحاجة إلى مزيد من التوضيح، أو إذا كنت طرفًا في نزاع وتشعر بالحيرة بشأن كيفية المطالبة بحقوقك، فيمكن للمساعدة القانونية المتخصصة مساعدتك في إكمال الإجراءات بشكل سليم وقانوني، مما يضمن حصولك على جميع مستحقاتك، بما في ذلك مكافأة نهاية الخدمة.
ونحن في مكتب محمد الخليوي جاهزون تمامًا لمساعدتك في أي مشكلة من هذا النوع.
إخلاء مسؤولية: المحتوى المذكور أعلاه لا يُشكل استشارة قانونية، ولا يتحمل كاتب هذه المقالة أي مسؤولية قانونية. للاستشارات القانونية، يُرجى التواصل معنا.